شعر الدكتور/ عبد الرحمن بن عبد الرحمن شُمَيلة الأهدل
بَطْحَاءُ مَكَّةَ بِالْمَعَـارِفِ تَـزْخَـرُ ** وَالْفِكْـرُ فِيْ شَتَّــى الْمَـوَاهِـبِ نَيِّــرُ
هِـيَ قِبْلَــةٌ لِلْعَـالَمِيْــنَ مُـضِيْـئَـةٌ ** هِيَ مَنْبَـعُ النُّـوْرِ الْمُبِيْـنِ وَمَـصْـدَرُ
مِنْهَـا الثَّقَـافَــةُ أَشْـرَقَتْ أَنْوَارُهَـا ** فِـيْ كُلِّ قُطْـرٍ غَـرْسُ مَكَّـةَ مُـزْهِـرُ
هَلْ لِلثَّقَافَـةِ غَيْرُ مَكَّـةَ مَوْطِــن ** هَـلْ لِلْخَطَـابَـةِ غَيْـرُ مَكَّــةَ مِـنْـبَــرُ
أُمَّ الْقُرَى لَكِ فِي الْقُلُوْبِ مَكَـانَةٌ ** مَنْ لاَمَسَـتْ قَدَمَــاهُ أَرْضَـكِ يَـفْـخَـرُ
آثَارُكِ الْغَرَّاءُ تَزْهُو فِي الْــوَرَى ** وَيُضِـيءُ هَدْيُكِ فِي الْقُـلُـوْبِ وَيُـنْـشَـرُ
تِلْكَ الْمَعَاهِدُ فِيْ رُبَاكِ تَأَسَّـسَـتْ ** فِـيْ ظِــلِّ عَهْـــدٍ لِلْفَـلاَحِ مُسَخَّـــرُ
إِنْ قَـدَّمُــوا بَـلَـدًا سِـوَاكِ فَـإِنَّمَـــا ** قَصَـدُوا بِأَنَّكِ فِي التَّـقَـدُّمِ أَشْـهَــرُ
أُمَّ الْقُـرَى مَهْمَـا تَطَـاوَلَ مَـوْقِـعٌ ** فِي الْغَرْب أَوفِي الشَّرْقِ دُوْنَكِ يَقْصُرُ
قَـرَّتْ عُيُـوْنُ الْمُخْبِتِيْـنَ بِمَعْـهَـدٍ ** جَـارٍ عَلَى سُنَـنِ الْهُـدَى لاَ يَفْتُــرُ
بِجِـوَارِ بَيْـتِ اللهِ يَصْــدَحُ أَهْلُــهُ ** بِالْـوَحْـيِ فَـهُــوَ مُبَـشّـِرٌ أَوْ مُنْــذِرُ
شَـرْعُ الإِلَـــهِ كِـتَــابُـهُ وَبَيَـــانُـهُ ** فِيْ سُنَّــةِ الْمُـخْتَــارِ فَهِـيَ تُفَـسِّــرُ
هُوَ مَـعْـهَـدٌ مُـتَمَيِّــزٌ فِيْ نَهْجِـهِ ** وَرِيَــاضُـهُ فِـيْ كُــلِّ فَــنٍّ مُـثْـمِـــرُ
تَـتَـنَـزَّهُ الأَلْـبَــابُ فِيْ وَاحَـاتِـــهِ ** وَيَمِيْسُ فِيْ سُنَـنِ السُّمُوِّ وَيَخْطُــرُ
سَلْ عَنْهُ أَجْنَاسَ الشُّعُوْبِ فَكَـمْ بِه ** مِـنْ طَـالِـبٍ بِـعُـلُوْمِــهِ مُـتَـبَـصِّـــرُ
يَتَزَاحَمُوْنَ عَلَى الْمَعَـارِفِ حِسْبَــةً ** وَالْـكُـلُّ بِالـشَّـرْعِ الْـمُـطَـهَّــرِ نَـيِّـرُ
إِنْ أَنْفَـقُـوا الأَوْقَــاتَ فِيْ تَقْيِـيْدِهِ ** فَلَـهُـمْ عَلَى الْعَلْـيَــاءِ مَجْـدٌ يُـؤْثَــرُ
لا فَـرْقَ بَيْنَ قَصِيِّهِـمْ وَقَرِيْبِهِــمْ ** فَلِــذَا الْبَعِـيْــدُ بِغُــرْبَــةٍ لاَ يَشْـعُــرُ
مَنْ كَـانَ بِالْوَحْيَيْنِ يَبْنِـيِ نَهْجَــهُ ** فَـهُـــوَ الْـمُـوَفَّـــقُ بِالأَدِلَّـــةِ أَبْـصَـرُ
وَيَـمُـــدُّهُ رَبُّ الْعِبَــــادِ بِهَـدْيِــهِ ** وَبِـكُــلِّ مَـكْرُمَـــةٍ وَفَــضْـلٍ أَجْــدَرُ
وَاسْتَنْطِـقِ الْحَـرَمَ الشَّـرِيْـفَ فَإِنَّـهُ ** يَتْلُــو عَـلَـيْـكَ مَنَـاقِـبًـا لاَ تُحْـصَــرُ
حَلَقَـاتُ عِلْـمٍ مَنْـهَـلٌ مُسْتَـعْـذَبٌ ** يَرْوِي الْغَلِيْـــلَ وَفَضْلُهَــا لا يُنْـكَــرُ
وَبِهَــا رِجَـالُ الْعِـلْـمِ غُــرٌّ سَـادَةٌ ** مِنْ كُــلِّ حَبْــرٍ بِالْمَعَــارِفِ أَخْـبَــرُ
يَقْفُـوْ سَبِيْـلَ الْعَـارِفِـيْـنَ دِيَــانَـةً ** وَلِكُــلِّ فَضْــلٍ لِلـشَّـرِيْـعَـــةِ يَـنْـشُـرُ
فَهُـمُ النُّجُـوْمُ الزَّاهِــرَاتُ هِدَايَـةً ** وَالنُّطْقُ مِنْ حُسْنِ التَّرَسُّـلِ جَوْهَـرُ
سَلَكُوا دُرُوْبَ الأَوَّلِيْـنَ فَدَرَّسُـوا ** شَـتَّــى الْعُـلُـوْمِ وَسَبْـقُـهُـــمْ يَـتَــعَـذَّرُ
وَيُحَـارِبُوْنَ الْمُحْـدَثَــاتِ لأَنَّـهَــا ** بِــدَعٌ عَـنِ النَّـهْـجِ السَّـوِيِّ تُـنَـفِّـــرُ
خَلَصَتْ مَقَاصِدُهُــمْ فَأَثَّرَ نُصْحُهُمْ ** وَالنُّصْحُ مِنْ صَافِي السَّــرِيْرَةِ مُزْهِـرُ
* * * * * * * * * * *